![](/sites/default/files/old/images/p18_20081204_pic3.jpg)
ويقدم هذا الصراع الشتراوسي ـ السارتري فرصة، في الحقيقة، لإضاءة صراعات أكبر في الدراسات الإنسانية إجمالاً. فقد ظهرت لاحقاً دراسات كثيرة تناقش الفكر الجدلي الذي يقود للبنائي، والبنيوية التي تستدعي في جوهرها منهجيةً جدليةً. وقد لا يؤسس وجود منهجيّة متممة من الاثنين لنظرية اجتماعية متكاملة، لكنه قد يزيح عقبة هامة أمام ظهور مثل هذه النظرية، حسبما يقول البروفسور ريتشارد براون في أطروحة له عن الموضوع.
كان صاحب «الخزّافة الغيورة» في كتابته بلغة أقرب ما تكون إلى الشعر، كأنه يمضي إلى فتنة موازية لترحّله في العالم البدائي سواء أكان مستكشفاً لعالم موجود أم عالم الأساطير المفقود، لكنها فتنة لغوية لم تعزله قطّ عن البحث وتقديم روائع علمية في
مجاله.
وإن كانت قد خلقت مشكلة لدى الكثير ممن حاول تقديمه إلى لغات أخرى، وخصوصاً الإنكليزية التي استهجنت شاعرية أسلوبه في عالم البحث... بل ذهب النقاد ممن استعصت كتابة شتراوس على تأويلاتهم إلى التشكيك في تماسك الكتابة لديه وفي البنية... حتى انتهى المطاف بتلاميذه إدموند ليش ووردني نيدهام إلى أخذ موقف من معلّمهم، فيما رد شتراوس بأنّ أفكاره قد أسيء فهمها وتقديمها حسبما أشار الناقد باتريك ويلكن في مقالة «قرن ليفي
شتراوس».